منتديات ميجا اب
منتديات الاسكندر تاتو ترحب بكم

يشرفنا ان تكون معنا فى اسرة المنتدى

فإذا لم تكن مسجل لدينا فقوم التسجيل

وإذا كنت مسجل لدينا فقوم بالدخول

اخيكم | الإسكندر تاتو
منتديات ميجا اب
منتديات الاسكندر تاتو ترحب بكم

يشرفنا ان تكون معنا فى اسرة المنتدى

فإذا لم تكن مسجل لدينا فقوم التسجيل

وإذا كنت مسجل لدينا فقوم بالدخول

اخيكم | الإسكندر تاتو
منتديات ميجا اب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورمركز رفع الصورالتسجيلدخول

 

 باب سؤال جبريل عن الايمان

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
همــــس اللـــــيل
عضو سوبر مرشح للاشراف
عضو سوبر مرشح  للاشراف
همــــس اللـــــيل


عدد المساهمات : 97

باب سؤال جبريل عن الايمان Empty
مُساهمةموضوع: باب سؤال جبريل عن الايمان   باب سؤال جبريل عن الايمان Emptyالأربعاء مارس 09, 2011 3:02 am

قَوْلُهُ : ( بَابُ سُؤَالِ جِبْرِيلَ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ إِلَخْ ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَرَى أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ عِبَارَةٌ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ ، فَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ سُؤَالِ جِبْرِيلَ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَجَوَابُهُ يَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا وَأَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ بِأُمُورٍ مَخْصُوصَةٍ وَالْإِسْلَامَ إِظْهَارُ أَعْمَالٍ مَخْصُوصَةٍ ، أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ بِالتَّأْوِيلِ إِلَى طَرِيقَتِهِ .
قَوْلُهُ : ( وَبَيَانِ ) أَيْ : مَعَ بَيَانِ أَنَّ الِاعْتِقَادَ وَالْعَمَلَ دِينٌ ، وَقَوْلُهُ " وَمَا بَيَّنَ " أَيْ : مَعَ مَا بَيَّنَ لِلْوَفْدِ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْإِسْلَامُ حَيْثُ فَسَّرَهُ فِي قِصَّتِهِمْ بِمَا فَسَّرَ بِهِ الْإِسْلَامَ هُنَا ، وَقَوْلُهُ " وَقَوْلُ اللَّهِ " أَيْ : مَعَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الدِّينُ ، وَدَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الدِّينُ ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ أَمْرٌ وَاحِدٌ . هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِهِ ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو عَوَانَةَ الْإسْفَرَايِينِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ الْمُزَنِيِّ صَاحِبِ الشَّافِعِيِّ الْجَزْمَ بِأَنَّهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ ، وَأَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ . وَعَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْجَزْمَ بِتَغَايُرِهِمَا ، وَلِكُلٍّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ أَدِلَّةٌ مُتَعَارِضَةٌ . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : صَنَّفَ فِي الْمَسْأَلَةِ إِمَامَانِ كَبِيرَانِ ، وَأَكْثَرَا مِنَ الْأَدِلَّةِ لِلْقَوْلَيْنِ ، وَتَبَايَنَا فِي ذَلِكَ . وَالْحَقُّ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا ، فَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ ، وَلَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا . انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا . " - ص 141 -" وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُطْلَقُ عَلَى الِاعْتِقَادِ وَالْعَمَلِ مَعًا ، بِخِلَافِ الْإِيمَانِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا مَعًا . وَيَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَإِنَّ الْإِسْلَامَ هُنَا يَتَنَاوَلُ الْعَمَلَ وَالِاعْتِقَادَ مَعًا ; لِأَنَّ الْعَامِلَ غَيْرُ الْمُعْتَقِدِ لَيْسَ بِذِي دِينٍ مَرْضِيٍّ . وَبِهَذَا اسْتَدَلَّ الْمُزَنِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ فَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ جِبْرِيلَ هَذَا : جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِسْلَامَ هُنَا اسْمًا لِمَا ظَهَرَ مِنَ الْأَعْمَالِ ، وَالْإِيمَانَ اسْمًا لِمَا بَطَنَ مِنَ الِاعْتِقَادِ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ لَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَلَا لِأَنَّ التَّصْدِيقَ لَيْسَ مِنَ الْإِسْلَامِ ، بَلْ ذَاكَ تَفْصِيلٌ لِجُمْلَةٍ كُلُّهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَجِمَاعُهَا الدِّينُ ، وَلِهَذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا وَقَالَ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ الدِّينُ فِي مَحَلِّ الرِّضَا وَالْقَبُولِ إِلَّا بِانْضِمَامِ التَّصْدِيقِ . انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَدِلَّةِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً ، كَمَا أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً ، لَكِنْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَلْزِمٌ لِلْآخَرِ بِمَعْنَى التَّكْمِيلِ لَهُ ، فَكَمَا أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا كَامِلًا إِلَّا إِذَا اعْتَقَدَ ، فَكَذَلِكَ الْمُعْتَقِدُ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا كَامِلًا إِلَّا إِذَا عَمِلَ ، وَحَيْثُ يُطْلَقُ الْإِيمَانُ فِي مَوْضِعِ الْإِسْلَامِ أَوِ الْعَكْسِ ، أَوْ يُطْلَقُ أَحَدُهُمَا عَلَى إِرَادَتِهِمَا مَعًا فَهُوَ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ . وَيَتَبَيَّنُ الْمُرَادُ بِالسِّيَاقِ ، فَإِنْ وَرَدَا مَعًا فِي مَقَامِ السُّؤَالِ حُمِلَا عَلَى الْحَقِيقَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَرِدَا مَعًا أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي مَقَامِ سُؤَالٍ أَمْكَنَ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوِ الْمَجَازِ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ مِنَ الْقَرَائِنِ . وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ قَالُوا : إِنَّهُمَا تَخْتَلِفُ دَلَالَتُهُمَا بِالِاقْتِرَانِ ، فَإِنْ أُفْرِدَ أَحَدُهُمَا دَخَلَ الْآخَرُ فِيهِ . وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا حَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الْأَكْثَرِ أَنَّهُمْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْقَيْسِ ، وَمَا حَكَاهُ اللَّالِكَائِيُّ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
قَوْلُهُ : ( وَعِلْمِ السَّاعَةِ ) تَفْسِيرٌ مِنْهُ لِلْمُرَادِ بِقَوْلِ جِبْرِيلَ فِي السُّؤَالِ مَتَى السَّاعَةُ ؟ أَيْ : مَتَى عِلْمُ السَّاعَةِ ؟ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ آخَرَ ، أَيْ : مَتَى عِلْمُ وَقْتِ السَّاعَةِ ؟ .
قَوْلُهُ : ( وَبَيَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) هُوَ مَجْرُورٌ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى عِلْمِ الْمَعْطُوفِ عَلَى سُؤَالِ الْمَجْرُورِ بِالْإِضَافَةِ . فَإِنْ قِيلَ : لَمْ يُبَيِّنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقْتَ السَّاعَةِ ، فَكَيْفَ قَالَ وَبَيَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ . فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيَانِ بَيَانُ أَكْثَرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَأَطْلَقَهُ ; لِأَنَّ حُكْمَ مُعْظَمِ الشَّيْءِ حُكْمُ كُلِّهِ . أَوْ جَعَلَ الْحُكْمَ فِي عِلْمِ السَّاعَةِ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ بَيَانًا لَهُ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ) هُوَ الْبَصْرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّمِيمِيُّ . وَأَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ لُقْمَانَ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي حَيَّانَ الْمَذْكُورِ . وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَرِيرٍ أَيْضًا عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ أَيْضًا عَنْ أَبِي فَرْوَةَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ . زَادَ أَبُو فَرْوَةَ : وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا ، وَسَاقَ حَدِيثَهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا . وَفِيهِ فَوَائِدُ زَوَائِدُ سَنُشِيرُ إِلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَلَمْ أَرَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ هَذَا عَنْهُ ، وَلَمْ يُخَرِّجْهُ الْبُخَارِيُّ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَيَّانَ عَنْهُ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَفِي سِيَاقِهِ فَوَائِدُ زَوَائِدُ أَيْضًا . وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجُهُ الْبُخَارِيُّ لِاخْتِلَافٍ فِيهِ عَلَى بَعْضِ رُوَاتِهِ ، فَمَشْهُورُهُ رِوَايَةُ كَهْمَسٍ - بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ قَبْلَهَا مِيمٌ مَفْتُوحَةٌ - بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ - بِفَتْحِ الْمِيمِ أَوَّلُهُ يَاءٌ تَحْتَانِيَّةٌ مَفْتُوحَةٌ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، رَوَاهُ عَنْ " - ص 142 -" كَهْمَسٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ ، وَتَابَعَهُ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، وَتَابَعَهُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، وَكَذَا رَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ لَكِنَّهُ قَالَ : عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَعًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ ، زَادَ فِيهِ حُمَيْدًا ، وَحُمَيْدٌ لَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ ذِكْرٌ لَا رِوَايَةٌ . وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذِهِ الطُّرُقَ وَلَمْ يَسُقْ مِنْهَا إِلَّا مَتْنَ الطَّرِيقِ الْأُولَى وَأَحَالَ الْبَاقِيَ عَلَيْهَا ، وَبَيْنَهَا اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ سَنُشِيرُ إِلَى بَعْضِهِ ، فَأَمَّا رِوَايَةُ مَطَرٍ فَأَخْرَجَهَا أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ ، وَأَمَّا رِوَايَةُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ فَأَخْرَجَهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرِهِ ، وَأَمَّا رِوَايَةُ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ فَأَخْرَجَهَا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ . وَقَدْ خَالَفَهُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ بُرَيْدَةَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ فَرَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ لَا مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ . أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ أَيْضًا . وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، وَكَذَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ . وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالْبُخَارِيُّ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ . وَعَنْ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَفِي إِسْنَادِهِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وَهُوَ الْعُمَرِيُّ وَلَا يَصْلُحُ لِلصَّحِيحِ ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيِّ أَخْرَجَهُمَا أَحْمَدُ وَإِسْنَادُهُمَا حَسَنٌ . وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ فَوَائِدُ سَنَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ . وَإِنَّمَا جَمَعْتُ طُرُقَهَا هُنَا وَعَزَوْتُهَا إِلَى مُخَرِّجِيهَا لِتَسْهِيلِ الْحَوَالَةِ عَلَيْهَا فِرَارًا مِنَ التَّكْرَارِ الْمُبَايِنِ لِطَرِيقِ الِاخْتِصَارِ . وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
قَوْلُهُ : ( كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ ) أَيْ : ظَاهِرًا لَهُمْ غَيْرَ مُحْتَجِبٍ عَنْهُمْ وَلَا مُلْتَبِسٍ بِغَيْرِهِ ، وَالْبُرُوزُ الظُّهُورُ . وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا بَيَانُ ذَلِكَ ، فَإِنَّ أَوَّلَهُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْلِسُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَيَجِيءُ الْغَرِيبُ فَلَا يَدْرِي أَيُّهُمْ هُوَ ، فَطَلَبْنَا إِلَيْهِ أَنْ نَجْعَلَ لَهُ مَجْلِسًا يَعْرِفُهُ الْغَرِيبُ إِذَا أَتَاهُ ، قَالَ : فَبَنَيْنَا لَهُ دُكَّانًا مِنْ طِينٍ كَانَ يَجْلِسُ عَلَيْهِ . انْتَهَى . وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْقُرْطُبِيُّ اسْتِحْبَابَ جُلُوسِ الْعَالِمِ بِمَكَانٍ يَخْتَصُّ بِهِ وَيَكُونُ مُرْتَفِعًا إِذَا احْتَاجَ لِذَلِكَ لِضَرُورَةِ تَعْلِيمٍ وَنَحْوِهِ .
قَوْلُهُ : ( فَأَتَاهُ رَجُلٌ ) أَيْ : مَلَكٌ فِي صُورَةِ رَجُلٍ ، وَفِي التَّفْسِيرِ لِلْمُصَنِّفِ : إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي ، وَلِأَبِي فَرْوَةَ : فَإِنَّا لَجُلُوسٌ عِنْدَهُ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا وَأَطْيَبُ النَّاسِ رِيحًا كَأَنَّ ثِيَابَهُ لَمْ يَمَسَّهَا دَنَسٌ . وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ كَهْمَسٍ فِي حَدِيثِ عُمَرَ : بَيْنَمَا نَحْنُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ . وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ سَوَادِ اللِّحْيَةِ ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ . وَفِي رِوَايَةِ لِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ : لَيْسَ عَلَيْهِ سَحْنَاءُ السَّفَرِ ، وَلَيْسَ مِنَ الْبَلَدِ ، فَتَخَطَّى حَتَّى بَرَكَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَجْلِسُ أَحَدُنَا فِي الصَّلَاةِ ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَكَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيِّ : ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . فَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ عَلَى فَخِذَيْهِ يَعُودُ عَلَى النَّبِيِّ ، وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ التَّيْمِيُّ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَرَجَّحَهُ الطِّيبِيُّ بَحْثًا لِأَنَّهُ نَسَقُ الْكَلَامِ خِلَافًا لِمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ ، وَوَافَقَهُ التُّورِبَشْتِيُّ لِأَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ جَلَسَ كَهَيْئَةِ الْمُتَعَلِّمِ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا مِنَ السِّيَاقِ لَكِنْ وَضْعُهُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَنِيعٌ مُنَبِّهٌ لِلْإِصْغَاءِ إِلَيْهِ ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ لِمَا يَنْبَغِي لِلْمَسْئُولِ مِنَ التَّوَاضُعِ وَالصَّفْحِ عَمَّا يَبْدُو مِنْ جَفَاءِ " - ص 143 -" السَّائِلِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي تَعْمِيَةِ أَمْرِهِ لِيُقَوِّيَ الظَّنَّ بِأَنَّهُ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ ، وَلِهَذَا تَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَقَدَّمَ . وَلِهَذَا اسْتَغْرَبَ الصَّحَابَةُ صَنِيعَهُ ; وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَجَاءَ مَاشِيًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَثَرُ سَفَرٍ . فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ عَرَفَ عُمَرُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ إِلَى ظَنِّهِ ، أَوْ إِلَى صَرِيحِ قَوْلِ الْحَاضِرِينَ . قُلْتُ : وَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى ، فَقَدْ جَاءَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ فَإِنَّ فِيهَا : فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالُوا : مَا نَعْرِفُ هَذَا . وَأَفَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ سَبَبَ وُرُودِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَعِنْدَهُ فِي أَوَّلِهِ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : سَلُونِي ، فَهَابُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ ، قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ . وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ كَهْمَسٍ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ - فَكَأَنَّ أَمْرَهُ لَهُمْ بِسُؤَالِهِ وَقَعَ فِي خُطْبَتِهِ - وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَجِيءَ الرَّجُلِ كَانَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ وَافَقَ انْقِضَاءَهَا أَوْ كَانَ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَدْرَ جَالِسًا وَعَبَّرَ عَنْهُ الرَّاوِي بِالْخُطْبَةِ .
قَوْلُهُ : ( فَقَالَ ) زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّفْسِيرِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْإِيمَانُ ؟ فَإِنْ قِيلَ : فَكَيْفَ بَدَأَ بِالسُّؤَالِ قَبْلَ السَّلَامِ ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي التَّعْمِيَةِ لِأَمْرِهِ ، أَوْ لِيُبَيِّنَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ ، أَوْ سَلَّمَ فَلَمْ يَنْقُلْهُ الرَّاوِي . قُلْتُ : وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ ، فَفِيهَا بَعْدَ قَوْلِهِ كَأَنَّ ثِيَابَهُ لَمْ يَمَسَّهَا دَنَسٌ حَتَّى سَلَّمَ مِنْ طَرَفِ الْبِسَاطِ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ . قَالَ : أَدْنُو يَا مُحَمَّدُ ؟ قَالَ : ادْنُ . فَمَا زَالَ يَقُولُ أَدْنُو مِرَارًا وَيَقُولُ لَهُ ادْنُ . وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، لَكِنْ قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . وَفِي رِوَايَةِ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَدْنُو مِنْكَ ؟ قَالَ ادْنُ . وَلَمْ يَذْكُرِ السَّلَامَ . فَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ ، هَلْ قَالَ لَهُ يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ هَلْ سَلَّمَ أَوْ لَا ؟ . فَأَمَّا السَّلَامُ فَمَنْ ذَكَرَهُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ سَكَتَ عَنْهُ . وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ : إِنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ التَّعْمِيَةَ فَصَنَعَ صَنِيعَ الْأَعْرَابِ . قُلْتُ : وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهُ بَدَأَ أَوَّلًا بِنِدَائِهِ بِاسْمِهِ لِهَذَا الْمَعْنَى ، ثُمَّ خَاطَبَهُ بِقَوْلِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ . وَوَقَعَ عِنْدَ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّهُ قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا مُحَمَّدُ ، فَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلدَّاخِلِ أَنْ يُعَمِّمَ بِالسَّلَامِ ثُمَّ يُخَصِّصَ مَنْ يُرِيدُ تَخْصِيصَهُ ، انْتَهَى . وَالَّذِي وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الرِّوَايَاتِ إِنَّمَا فِيهِ الْإِفْرَادُ وَهُوَ قَوْلُهُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ .
قَوْلُهُ : ( مَا الْإِيمَانُ ) قِيلَ قَدَّمَ السُّؤَالَ عَنِ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ، وَثَنَّى بِالْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ مِصْدَاقَ الدَّعْوَى ، وَثَلَّثَ بِالْإِحْسَانِ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا . وَفِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ : بَدَأَ بِالْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ بِالْأَمْرِ الظَّاهِرِ وَثَنَّى بِالْإِيمَانِ لِأَنَّهُ بِالْأَمْرِ الْبَاطِنِ . وَرَجَّحَ هَذَا الطِّيبِيُّ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّرَقِّي . وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي تَأْدِيَتِهَا ، وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ تَرْتِيبٌ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ فَإِنَّهُ بَدَأَ بِالْإِسْلَامِ وَثَنَّى بِالْإِحْسَانِ وَثَلَّثَ بِالْإِيمَانِ ، فَالْحَقُّ أَنَّ الْوَاقِعَ أَمْرٌ وَاحِدٌ ، وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ وَقَعَ مِنَ الرُّوَاةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( قَالَ : الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ إِلَخْ ) دَلَّ الْجَوَابُ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ لَا عَنْ مَعْنَى لَفْظِهِ ، وَإِلَّا لَكَانَ الْجَوَابُ الْإِيمَانُ التَّصْدِيقُ . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : هَذَا يُوهِمُ التَّكْرَارَ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ قَوْلَهُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ مُضَمَّنٌ مَعْنَى أَنْ تَعْتَرِفَ بِهِ ، وَلِهَذَا عَدَّاهُ بِالْبَاءِ ، أَيْ : أَنْ تُصَدِّقَ مُعْتَرِفًا بِكَذَا . قُلْتُ : وَالتَّصْدِيقُ أَيْضًا يُعَدَّى بِالْبَاءِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى دَعْوَى التَّضْمِينِ . وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ : لَيْسَ هُوَ تَعْرِيفًا لِلشَّيْءِ بِنَفْسِهِ ، بَلِ الْمُرَادُ مِنَ الْمَحْدُودِ الْإِيمَانُ الشَّرْعِيُّ ، وَمِنَ الْحَدِّ الْإِيمَانُ اللُّغَوِيُّ قُلْتُ : وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إِنَّمَا أَعَادَ لَفْظَ الْإِيمَانِ لِلِاعْتِنَاءِ " - ص 144 -" بِشَأْنِهِ تَفْخِيمًا لِأَمْرِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي جَوَابِ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ، يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ أَنْ تُؤْمِنَ يَنْحَلُّ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَكَأَنَّهُ قَالَ : الْإِيمَانُ الشَّرْعِيُّ تَصْدِيقٌ مَخْصُوصٌ ، وَإِلَّا لَكَانَ الْجَوَابُ الْإِيمَانُ التَّصْدِيقُ ، وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ هُوَ التَّصْدِيقُ بِوُجُودِهِ وَأَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ مُنَزَّهٌ عَنْ صِفَاتِ النَّقْصِ .
قَوْلُهُ : ( وَمَلَائِكَتِهِ ) الْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ هُوَ التَّصْدِيقُ بِوُجُودِهِمْ وَأَنَّهُمْ كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادٌ مُكْرَمُونَ وَقَدَّمَ الْمَلَائِكَةَ عَلَى الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ نَظَرًا لِلتَّرْتِيبِ الْوَاقِعِ ; لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَرْسَلَ الْمَلَكَ بِالْكِتَابِ إِلَى الرَّسُولِ وَلَيْسَ فِيهِ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ فَضَّلَ الْمَلَكَ عَلَى الرَّسُولِ .
قَوْلُهُ : ( وَكُتُبِهِ ) هَذِهِ عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ هُنَا ، وَاتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَلَى ذِكْرِهَا فِي التَّفْسِيرِ ، وَالْإِيمَانُ بِكُتُبِ اللَّهِ التَّصْدِيقُ بِأَنَّهَا كَلَامُ اللَّهِ وَأَنَّ مَا تَضَمَّنَتْهُ حَقٌّ .
قَوْلُهُ : ( وَبِلِقَائِهِ ) كَذَا وَقَعَتْ هُنَا بَيْنَ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ ، وَلَمْ تَقَعْ فِي بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا مُكَرَّرَةٌ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ ، وَالْحَقُّ أَنَّهَا غَيْرُ مُكَرَّرَةٍ ، فَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْبَعْثِ الْقِيَامُ مِنَ الْقُبُورِ ، وَالْمُرَادُ بِاللِّقَاءِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ ، وَقِيلَ اللِّقَاءُ يَحْصُلُ بِالِانْتِقَالِ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا ، وَالْبَعْثُ بَعْدَ ذَلِكَ . وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا رِوَايَةُ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ فَإِنَّ فِيهَا " وَبِالْمَوْتِ وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ " ، وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِاللِّقَاءِ رُؤْيَةُ اللَّهِ ، ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ . وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ أَحَدًا لَا يَقْطَعُ لِنَفْسِهِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ ، فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا ، وَالْمَرْءُ لَا يَدْرِي بِمَ يُخْتَمُ لَهُ ، فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الْإِيمَانِ ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَهَذَا مِنَ الْأَدِلَّةِ الْقَوِيَّةِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي إِثْبَاتِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ إِذْ جُعِلَتْ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِيمَانِ .
قَوْلُهُ : ( وَرُسُلِهِ ) وَلِلْأَصِيلِيِّ " وَبِرُسُلِهِ " ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ " وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ " ، وَكُلٌّ مِنَ السِّيَاقَيْنِ فِي الْقُرْآنِ فِي الْبَقَرَةِ ، وَالتَّعْبِيرُ بِالنَّبِيِّينَ يَشْمَلُ الرُّسُلَ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ ، وَالْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ التَّصْدِيقُ بِأَنَّهُمْ صَادِقُونَ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ عَنِ اللَّهِ ، وَدَلَّ الْإِجْمَالُ فِي الْمَلَائِكَةِ وَالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فِي الْإِيمَانِ بِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ ، إِلَّا مَنْ ثَبَتَ تَسْمِيَتُهُ فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ عَلَى التَّعْيِينِ . وَهَذَا التَّرْتِيبُ مُطَابِقٌ لِلْآيَةِ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَمُنَاسَبَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَتِ الْوَاوُ لَا تُرَتِّبُ بَلِ الْمُرَادُ مِنَ التَّقَدُّمِ أَنَّ الْخَيْرَ وَالرَّحْمَةَ مِنَ اللَّهِ ، وَمِنْ أَعْظَمِ رَحْمَتِهِ أَنْ أَنْزَلَ كُتُبَهُ إِلَى عِبَادِهِ ، وَالْمُتَلَقِّي لِذَلِكَ مِنْهُمُ الْأَنْبِيَاءُ ، وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهُمُ الْمَلَائِكَةُ .
قَوْلُ ( وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ ) زَادَ فِي التَّفْسِيرِ " الْآخِرِ " وَلِمُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ عُمَرَ " وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " فَأَمَّا الْبَعْثُ الْآخِرُ فَقِيلَ ذَكَرَ الْآخِرَ تَأْكِيدًا كَقَوْلِهِمْ أَمْسُ الذَّاهِبُ ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْبَعْثَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ : الْأُولَى الْإِخْرَاجُ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ أَوْ مِنْ بُطُونِ الْأُمَّهَاتِ بَعْدَ النُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ إِلَى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَالثَّانِيَةُ الْبَعْثُ مِنْ بُطُونِ الْقُبُورِ إِلَى مَحَلِّ الِاسْتِقْرَارِ . وَأَمَّا الْيَوْمُ الْآخِرُ فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ آخِرُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَوْ آخِرُ الْأَزْمِنَةِ الْمَحْدُودَةِ ، وَالْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَالتَّصْدِيقِ بِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنَ الْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ . وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْبَعْثِ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا .
" - ص 145 -" ( فَائِدَةٌ ) : زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ هُنَا " وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ " ، وَهِيَ فِي رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ أَيْضًا ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ ، وَأَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ " كُلِّهِ " ، وَفِي رِوَايَةِ كَهْمَسٍ وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ " وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " وَكَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَهُوَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِزِيَادَةِ " وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ مِنَ اللَّهِ " ، وَكَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي إِعَادَةِ لَفْظِ " وَتُؤْمِنَ " عِنْدَ ذِكْرِ الْبَعْثِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّهُ نَوْعٌ آخَرُ مِمَّا يُؤْمَنُ بِهِ ; لِأَنَّ الْبَعْثَ سَيُوجَدُ بَعْدُ ، وَمَا ذُكِرَ قَبْلَهُ مَوْجُودٌ الْآنَ ، وَلِلتَّنْوِيهِ بِذِكْرِهِ لِكَثْرَةِ مَنْ كَانَ يُنْكِرُهُ مِنَ الْكُفَّارِ ، وَلِهَذَا كَثُرَ تَكْرَارُهُ فِي الْقُرْآنِ ، وَهَكَذَا الْحِكْمَةُ فِي إِعَادَةِ لَفْظِ " وَتُؤْمِنَ " عِنْدَ ذِكْرِ الْقَدَرِ كَأَنَّهَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا يَقَعُ فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ ، فَحَصَلَ الِاهْتِمَامُ بِشَأْنِهِ بِإِعَادَةِ " تُؤْمِنَ " ، ثُمَّ قَرَّرَهُ بِالْإِبْدَالِ بِقَوْلِهِ " خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ " ثُمَّ زَادَهُ تَأْكِيدًا بِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ " مِنَ اللَّهِ " . وَالْقَدَرُ مَصْدَرٌ ، تَقُولُ : قَدَرْتُ الشَّيْءَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا أَقْدِرُهُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ قَدْرًا وَقَدَرًا ، إِذَا أَحَطْتُ بِمِقْدَارِهِ . وَالْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ مَقَادِيرَ الْأَشْيَاءِ وَأَزْمَانَهَا قَبْلَ إِيجَادِهَا ، ثُمَّ أَوْجَدَ مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ يُوجَدُ ، فَكُلُّ مُحْدَثٍ صَادِرٌ عَنْ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ ، هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنَ الدِّينِ بِالْبَرَاهِينِ الْقَطْعِيَّةِ ، وَعَلَيْهِ كَانَ السَّلَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَخِيَارِ التَّابِعِينَ ، إِلَى أَنْ حَدَثَتْ بِدْعَةُ الْقَدَرِ فِي أَوَاخِرِ زَمَنِ الصَّحَابَةِ ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ الْقِصَّةَ فِي ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ كَهْمَسٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ : كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ ، قَالَ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدٌ الْحِمْيَرِيُّ ، فَذَكَرَ اجْتِمَاعَهُمَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَأَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ بَرِيءٌ مِمَّنْ يَقُولُ ذَلِكَ ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِمَّنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ عَمَلًا . وَقَدْ حَكَى الْمُصَنِّفُونَ فِي الْمَقَالَاتِ عَنْ طَوَائِفَ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ إِنْكَارَ كَوْنِ الْبَارِئِ عَالِمًا بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ قَبْلَ وُقُوعِهَا مِنْهُمْ ، وَإِنَّمَا يَعْلَمُهَا بَعْدَ كَوْنِهَا . قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ : قَدِ انْقَرَضَ هَذَا الْمَذْهَبُ ، وَلَا نَعْرِفُ أَحَدًا يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ . قَالَ : وَالْقَدَرِيَّةُ الْيَوْمُ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ قَبْلَ وُقُوعِهَا ، وَإِنَّمَا خَالَفُوا السَّلَفَ فِي زَعْمِهِمْ بِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَقْدُورَةٌ لَهُمْ وَوَاقِعَةٌ مِنْهُمْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِقْلَالِ ، وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ مَذْهَبًا بَاطِلًا أَخَفُّ مِنَ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ . وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ فَأَنْكَرُوا تَعَلُّقَ الْإِرَادَةِ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ فِرَارًا مِنْ تَعَلُّقِ الْقَدِيمِ بِالْمُحْدَثِ ، وَهُمْ مَخْصُومُونَ بِمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ : إِنْ سَلَّمَ الْقَدَرِيُّ الْعِلْمَ خُصِمَ . يَعْنِي يُقَالُ لَهُ : أَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِي الْوُجُودِ خِلَافُ مَا تَضَمَّنَهُ الْعِلْمُ ؟ فَإِنْ مَنَعَ وَافَقَ قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَإِنْ أَجَازَ لَزِمَهُ نِسْبَةُ الْجَهْلِ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ .
( تَنْبِيهٌ ) : ظَاهِرُ السِّيَاقِ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى مَنْ صَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ ، وَقَدِ اكْتَفَى الْفُقَهَاءُ بِإِطْلَاقِ الْإِيمَانِ عَلَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَلَا اخْتِلَافَ ; لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِرَسُولِ اللَّهِ الْمُرَادُ بِهِ الْإِيمَانُ بِوُجُودِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ عَنْ رَبِّهِ ، فَيَدْخُلُ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ تَحْتَ ذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ ) قَالَ النَّوَوِيُّ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعِبَادَةِ مَعْرِفَةَ اللَّهِ فَيَكُونُ عَطْفُ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا عَلَيْهَا لِإِدْخَالِهَا فِي الْإِسْلَامِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْعِبَادَةِ الطَّاعَةَ مُطْلَقًا ، فَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ الْوَظَائِفِ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَطْفُ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ . قُلْتُ : أَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فَبَعِيدٌ ; لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ الْإِيمَانِ ، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَهُوَ أَعْمَالٌ قَوْلِيَّةٌ وَبَدَنِيَّةٌ ، وَقَدْ عَبَّرَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ هُنَا بِقَوْلِهِ " أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِبَادَةِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ دَفْعُ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي . وَلَمَّا عَبَّرَ الرَّاوِي بِالْعِبَادَةِ احْتَاجَ أَنْ يُوَضِّحَهَا بِقَوْلِهِ " وَلَا تُشْرِكْ " - ص 146 -" بِهِ شَيْئًا " وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهَا فِي رِوَايَةِ عُمَرَ لِاسْتِلْزَامِهَا ذَلِكَ . فَإِنْ قِيلَ : السُّؤَالُ عَامٌّ لِأَنَّهُ سَأَلَ عَنْ مَاهِيَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَالْجَوَابُ خَاصٌّ لِقَوْلِهِ أَنْ تَعْبُدَ أَوْ تَشْهَدَ ، وَكَذَا قَالَ فِي الْإِيمَانِ أَنْ تُؤْمِنَ ، وَفِي الْإِحْسَانِ أَنْ تَعْبُدَ . وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ لِنُكْتَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَبَيْنَ أَنْ وَالْفِعْلِ ; لِأَنَّ " أَنْ تَفْعَلَ " تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ ، وَالْمَصْدَرُ لَا يَدُلُّ عَلَى زَمَانٍ . عَلَى أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ أَوْرَدَهُ هُنَا بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ ، فَفِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ " شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمُخَاطَبَتِهِ بِالْإِفْرَادِ اخْتِصَاصَهُ بِذَلِكَ ، بَلِ الْمُرَادُ تَعْلِيمُ السَّامِعِينَ الْحُكْمَ فِي حَقِّهِمْ وَحَقِّ مَنْ أَشْبَهَهُمْ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ ، وَقَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِهِ " يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ " . فَإِنْ قِيلَ : لِمَ لَمْ يَذْكُرِ الْحَجَّ ؟ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فُرِضَ ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِإِسْنَادِهِ الَّذِي عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ فِي حَدِيثِ عُمَرَ أَوَّلُهُ " أَنَّ رَجُلًا فِي آخِرِ عُمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ ، وَآخِرُ عُمْرِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَإِنَّهَا آخِرُ سَفَرَاتِهِ ، ثُمَّ بَعْدَ قُدُومِهِ بِقَلِيلٍ دُونَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَاتَ ، وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ بَعْدَ إِنْزَالِ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ لِتَقْرِيرِ أُمُورِ الدِّينِ - الَّتِي بَلَّغَهَا مُتَفَرِّقَةً - فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ، لِتَنْضَبِطَ . وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ جَوَازُ سُؤَالِ الْعَالِمِ مَا لَا يَجْهَلُهُ السَّائِلُ لِيَعْلَمَهُ السَّامِعُ ، وَأَمَّا الْحَجُّ فَقَدْ ذُكِرَ ، لَكِنْ بَعْضُ الرُّوَاةِ إِمَّا ذَهَلَ عَنْهُ وَإِمَّا نَسِيَهُ . وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فِي ذِكْرِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ دُونَ بَعْضٍ ، فَفِي رِوَايَةِ كَهْمَسٍ " وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا " وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ ، وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ لَمْ يَذْكُرِ الصَّوْمَ ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ ذَكَرَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ حَسْبُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَزِيدًا عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ . وَذَكَرَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِي رِوَايَتِهِ الْجَمِيعَ ، وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَحُجَّ " وَتَعْتَمِرَ وَتَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَتُتَمِّمَ الْوُضُوءَ " . وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ فِي رِوَايَتِهِ " وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ " قَالَ فَذَكَرَ عُرَى الْإِسْلَامِ ، فَتَبَيَّنَ مَا قُلْنَاهُ إِنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ ضَبَطَ مَا لَمْ يَضْبِطْهُ غَيْرُهُ
قَوْلُهُ : ( وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ ) زَادَ مُسْلِمٌ " الْمَكْتُوبَةَ " أَيِ : الْمَفْرُوضَةَ . وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْمَكْتُوبَةِ لِلتَّفَنُّنِ فِي الْعِبَارَةِ ، فَإِنَّهُ عَبَّرَ فِي الزَّكَاةِ بِالْمَفْرُوضَةِ ، وَلِاتِّبَاعِ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا .
قَوْلُهُ : ( وَتَصُومَ رَمَضَانَ ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى قَوْلِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةِ شَهْرٍ إِلَيْهِ ، وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
قَوْلُهُ : ( الْإِحْسَانُ ) هُوَ مَصْدَرٌ ، تَقُولُ أَحْسَنَ يُحْسِنُ إِحْسَانًا . وَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ تَقُولُ أَحْسَنْتُ كَذَا إِذَا أَتْقَنْتُهُ ، وَأَحْسَنْتُ إِلَى فُلَانٍ إِذَا أَوْصَلْتُ إِلَيْهِ النَّفْعَ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُرَادُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِتْقَانُ الْعِبَادَةِ . وَقَدْ يُلْحَظُ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُخْلِصَ مَثَلًا مُحْسِنٌ بِإِخْلَاصِهِ إِلَى نَفْسِهِ ، وَإِحْسَانُ الْعِبَادَةِ الْإِخْلَاصُ فِيهَا وَالْخُشُوعُ وَفَرَاغُ الْبَالِ حَالَ التَّلَبُّسِ بِهَا وَمُرَاقَبَةُ الْمَعْبُودِ ، وَأَشَارَ فِي الْجَوَابِ إِلَى حَالَتَيْنِ : أَرْفَعُهُمَا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ مُشَاهَدَةُ الْحَقِّ بِقَلْبِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ يَرَاهُ بِعَيْنِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ " كَأَنَّكَ تَرَاهُ " أَيْ : وَهُوَ يَرَاكَ ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ أَنَّ الْحَقَّ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ يَرَى كُلَّ مَا يَعْمَلُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ " فَإِنَّهُ يَرَاكَ " . وَهَاتَانِ الْحَالَتَانِ يُثَمِّرُهُمَا مَعْرِفَةُ اللَّهِ وَخَشْيَتُهُ ، وَقَدْ عَبَّرَ فِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بِقَوْلِهِ " أَنْ تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ " وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ . وَقَالَ النَّوَوِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّكَ إِنَّمَا تُرَاعِي الْآدَابَ الْمَذْكُورَةَ إِذَا كُنْتَ تَرَاهُ وَيَرَاكَ ، لِكَوْنِهِ يَرَاكَ لَا لِكَوْنِكَ تَرَاهُ فَهُوَ دَائِمًا يَرَاكَ ، فَأَحْسِنْ عِبَادَتَهُ وَإِنْ لَمْ تَرَهُ ، فَتَقْدِيرُ الْحَدِيثِ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَاسْتَمِرَّ عَلَى إِحْسَانِ الْعِبَادَةِ فَإِنَّهُ يَرَاكَ . قَالَ : وَهَذَا الْقَدْرُ مِنَ الْحَدِيثِ أَصْلٌ عَظِيمٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ ، وَقَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ عُمْدَةُ الصِّدِّيقِينَ وَبُغْيَةُ " - ص 147 -" السَّالِكِينَ وَكَنْزُ الْعَارِفِينَ وَدَأْبُ الصَّالِحِينَ ، وَهُوَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ الَّتِي أُوتِيَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَدْ نَدَبَ أَهْلُ التَّحْقِيقِ إِلَى مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ لِيَكُونَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنَ التَّلَبُّسِ بِشَيْءٍ مِنَ النَّقَائِصِ احْتِرَامًا لَهُمْ وَاسْتِحْيَاءً مِنْهُمْ ، فَكَيْفَ بِمَنْ لَا يَزَالُ اللَّهُ مُطَّلِعًا عَلَيْهِ فِي سِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ ؟ ، انْتَهَى . وَقَدْ سَبَقَ إِلَى أَصْلِ هَذَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ ، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِهَذَا فِي تَفْسِيرِ لُقْمَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
( تَنْبِيهٌ ) : دَلَّ سِيَاقُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا بِالْأَبْصَارِ غَيْرُ وَاقِعَةٍ ، وَأَمَّا رُؤْيَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَاكَ لِدَلِيلٍ آخَرَ ، وَقَدْ صَرَّحَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا . وَأَقْدَمَ بَعْضُ غُلَاةِ الصُّوفِيَّةِ عَلَى تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَقَالَ : فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَقَامِ الْمَحْوِ وَالْفَنَاءِ ، وَتَقْدِيرُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ - أَيْ : فَإِنْ لَمْ تَصِرْ - شَيْئًا وَفَنِيتَ عَنْ نَفْسِكَ حَتَّى كَأَنَّكَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فَإِنَّكَ حِينَئِذٍ تَرَاهُ . وَغَفَلَ قَائِلُ هَذَا - لِلْجَهْلِ بِالْعَرَبِيَّةِ - عَنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا زَعَمَ لَكَانَ قَوْلُهُ " تَرَاهُ " مَحْذُوفَ الْأَلِفِ ; لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَجْزُومًا ، لِكَوْنِهِ عَلَى زَعْمِهِ جَوَابَ الشَّرْطِ ، وَلَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ بِحَذْفِ الْأَلِفِ ، وَمَنِ ادَّعَى أَنَّ إِثْبَاتَهَا فِي الْفِعْلِ الْمَجْزُومِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِذْ لَا ضَرُورَةَ هُنَا . وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ صَحِيحًا لَكَانَ قَوْلُهُ " فَإِنَّهُ يَرَاكَ " ضَائِعًا لِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ . وَمِمَّا يُفْسِدُ تَأْوِيلَهُ رِوَايَةُ كَهْمَسٍ فَإِنَّ لَفْظَهَا " فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، فَسَلَّطَ النَّفْيَ عَلَى الرُّؤْيَةِ لَا عَلَى الْكَوْنِ الَّذِي حُمِلَ عَلَى ارْتِكَابِ التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ " فَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " وَنَحْوُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَكُلُّ هَذَا يُبْطِلُ التَّأْوِيلَ الْمُتَقَدِّمَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
( فَائِدَةٌ ) : زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ قَوْلَ السَّائِلِ " صَدَقْتَ " عَقِبَ كُلِّ جَوَابٍ مِنَ الْأَجْوِبَةِ الثَّلَاثَةِ ، وَزَادَ أَبُو فَرْوَةَ فِي رِوَايَتِهِ " فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَ الرَّجُلِ صَدَقْتَ أَنْكَرْنَاهُ " وَفِي رِوَايَةِ كَهْمَسٍ " فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ " . وَفِي رِوَايَةِ مَطَرٍ " انْظُرُوا إِلَيْهِ كَيْفَ يَسْأَلُهُ وَانْظُرُوا إِلَيْهِ كَيْفَ يُصَدِّقُهُ " وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ " انْظُرُوا وَهُوَ يَسْأَلُهُ وَهُوَ يُصَدِّقُهُ كَأَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُ " . وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ " قَالَ الْقَوْمُ : مَا رَأَيْنَا رَجُلًا مِثْلَ هَذَا ، كَأَنَّهُ يُعَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، يَقُولُ لَهُ : صَدَقْتَ صَدَقْتَ " . قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : إِنَّمَا عَجِبُوا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السعيد شعتُ
عضو سوبر مرشح للاشراف
عضو سوبر مرشح  للاشراف
السعيد شعتُ


عدد المساهمات : 82

باب سؤال جبريل عن الايمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: باب سؤال جبريل عن الايمان   باب سؤال جبريل عن الايمان Emptyالسبت مارس 26, 2011 3:28 am

موضوع رائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور
مشرفة الاسكندر تاتو الاسلامى
مشرفة الاسكندر تاتو الاسلامى
نور


عدد المساهمات : 755
العمر : 26
الثور
انثى

باب سؤال جبريل عن الايمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: باب سؤال جبريل عن الايمان   باب سؤال جبريل عن الايمان Emptyالسبت مارس 26, 2011 6:03 am

جزاااااااااك الله خيـــــــرااااااا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
باب سؤال جبريل عن الايمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سؤال لكل شخص في المنتدى يجاوب عليه ؟؟؟
» سؤال من رجل ارتكب جميع الكبائر يجيب عليه الشيخ محمد حسان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ميجا اب :: ميجا اب الاسلامى :: منتدى الاحاديث النبويه-
انتقل الى: