السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/size]
سورة آل عمران من السور المدنيّة الطويلة،
وقد اشتملت هذه السورة الكريمة على ركنين هامين من أركان الدين:
الأول: ركن العقيدة وإِقامة الأدلة والبراهين على وحدانية الله جل وعلا الثاني: التشريع وبخاصة فيما يتعلق بالمغازي والجهاد في سبيل الله ..
أما الأول فقد جاءت الآيات الكريمة لإِثبات الوحدانية، والنبوة، وإِثبات صدق القرآن، والرد على الشبهات التي يثيرها أهل الكتاب حول الإِسلام والقرآن وأمر محمد عليه الصلاة والسلام.
وإِذا كانت سورة البقرة قد تناولت الحديث عن الزمرة الأولى من أهل الكتاب وهم "اليهود" وأظهرت حقيقتهم وكشفت عن نواياهم وخباياهم، وما انطوت عليه نفوسهم من خبث ومكرٍ، فإِن سورة آل عمران قد تناولت الزمرة الثانية من أهل الكتاب وهم "النصارى" الذين جادلوا في شأن المسيح وزعموا ألوهيته وكذّبوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأنكروا القرآن، وقد تناول الحديث عنهم ما يقرب من نصف السورة الكريمة، وكان فيها الرد على الشبهات التي أثاروها بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة، وبخاصة فيما يتعلق بشأن مريم وعيسى عليه السلام، وجاء ضمن هذا الرد الحاسم بعض الإِشارات والتقريعات لليهود، والتحذير للمسلمين من كيد ودسائس أهل الكتاب، أما الركن الثاني فقد تناول الحديث عن بعض الأحكام الشرعية كفرضية الحج والجهاد وأمور الربا وحكم مانع الزكاة، وقد جاء الحديث بالإِسهاب عن الغزوات كغزوة بدر، وغزوة أحد والدروس التي تلقاها المؤمنون من تلك الغزوات، فقد انتصروا في بدر، وهزموا في أُحد بسبب عصيانهم لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وسمعوا بعد الهزيمة من الكفار والمنافقين كثيراً من كلمات الشماتة والتخذيل، فأرشدهم تعالى إِلى الحكمة من ذلك الدرس، وهي أن الله يريد تطهير صفوف المؤمنين من أرباب القلوب الفاسدة، ليميز بين الخبيث والطيب.
كما تحدثت الآيات الكريمة بالتفصيل عن النفاق والمنافقين وموقفهم من تثبط همم المؤمنين، ثم ختمت بالتفكر والتدبر في ملكوت السماوات والأرض وما فيهما من إِتقانٍ وإِبداع، وعجائب وأسرار تدل على وجودِ الخالق الحكيم، وقد ختمت بذكر الجهاد والمجاهدين في تلك الوصية الفذّة الجامعة، التي بها يتحقق الخير، ويعظم النصر، ويتم الفلاح والنجاح {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامنوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
فضـــلهَا:
عن النواس بن سمعان قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يُؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به، تقْدمهم سورة البقرة وآل عمران)
رواه مسلم
التســـميَـــة:
سميت السورة بـ "آل عمران" لورود ذكر قصة تلك الأسرة الفاضلة "آل عمران" والد مريم أم عيسى عليه السلام، وما تجلّى فيها من مظاهر القدرة الإِلهية بولادة مريم البتول وابنها عيسى عليهما السلام.