أهل الجنة
إن الجنة هي دار السلام ودار النعيم، فهى دار الأمن والأمان، أعدها الله تبارك وتعالى لأوليائه وأعد لهم فيها من النعيم ما لا عين رأت، ولا أذُن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، لكن الله سبحانه وتعالى ذكر شيئًا من هذا النعيم في "القرآن الكريم" تشويقًا لعباده، وترغيبًا لهم في هذه الجنة التى دعاهم إليها حيث قال: "وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ".
سورة "يونس": الآية (25).
آيات كثيرة متفرقة في "القرآن الكريم" بشر الله تبارك وتعالى فيها عباده ببعض نعيم أهل الجنة، لكن هناك سورًا اشتملت على كثير من نعيم الجنة، كسورة "الرحمن" وسورة "الواقعة"، وسورة "الإنسان"، ومما لا شك فيه أن قراءة هذه السور، والاستماع إلى هذه الآيات يُشحِذ الهمم، ويقوى العزائم، ويزيد الرغبة، في الإصرار على المضى قُدماً في الطريق إلى الجنة.
ففي سورة "الإنسان" يُحدثنا الله تبارك وتعالى فيها عما أعد لأوليائه فى الجنة من النعيم، قال تعالى:
"إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا".
سورة "الإنسان": الآيات (5ـ22).
ففي هذه الآيات يصف الله لنا بعض النعيم الذى أعده لأهل الجنة.
فمن هم أهل الجنه؟ وما هى صفاتهم؟
الله سبحانه وتعالى الذى خلق الجنة وعرفنا ببعض نعيمها عرفنا بأهلها، فمن أراد أن يسلك الطريق إلى الجنة فعليه أن يقرأ القرأن، ويتتبع الأيات المباركات التى يذكر الله تبارك وتعالى فيها أهل الجنة وصفاتهم، وهذه الآيات كثيره جدًا فى كتاب ربنا عز وجل نأخذ منها قوله تعالى:
"وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ".
سورة "آل عمران": الآيات (132ـ136).
فى هذه الآيات المباركات يأمر الله تبارك وتعالى عباده بالمسارعة إلى الجنة، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض، بمعنى أنه إذا جُعِلت السماوات السبع بجوار بعضها، والأراضين السبع بجوار بعضها، فكانت السماوات السبع والأراضين السبع بجوار بعضها لكان هذا عرض الجنة، وإنما ذكر الله تبارك وتعالى العرض دون الطول لما هو معلوم دائمًا أن العرض أدنى من الطول، فالله تبارك وتعالى ينبه بالأدنى على الأعلى، وينبه بالأقل على الأكثر، كما قال الله تبارك وتعالى فى وصف فرش الجنة بطائنها من إستبرق، ومعلوم أن البطانة تكون أقل جوده من الظهارة، فإذا كانت البطانة من إستبرق فكيف بالظهارة، فكذلك هنا الله سبحانه وتعالى ذكر أن عرض الجنة كعرض السماوات والأرض فكم يكون طولها؟
