تكشف الوفد الحقائق الكاملة لمعركة »الجمل« التي قادها بلطجية وفتوات الحزب الوطني صباح الأربعاء 2 فبراير الجاري،
وراح
ضحيتها 11 شهيداً، وإصابة نحو 1300 جريح. أكدت مصادر
لـ»الوفد« أن صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري والأمين العام للحزب الوطني،
وأحمد عز أمين التنظيم وزكريا عزمي، أمين العضوية، وجمال مبارك أمين
لجنة السياسات اتفقوا مع أعضاء الأمانة العامة، مساء الثلاثاء أول فبراير
وعقب إلقاء مبارك خطاب تعيين عمر سليمان نائباً للرئيس وإبدائه رغبته في
التنحي والإصلاح قبل الرحيل، علي تكليف أمناء الحزب بالمحافظات وأعضاء
مجلسي الشعب والشوري علي جلب بلطجية لإخراج المتظاهرين من ميدان التحرير
عنوة، بعد رفضهم المبادرة التي قدمها مبارك. وطلب الشريف وأعضاء
الأمانة العامة للوطني من كل نائب، خاصة من القاهرة والدلتا وشمال الصعيد
أن يحضر أتوبيسا علي الأقل محملاً بالبلطجية المتعاملين مع أجهزة الشرطة
والنواب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، للدفع بهم إلي ميدان
التحرير، وإحداث فوضي أمنية تدفع القوات المسلحة إلي إخراج الطرفين من
منطقة التظاهر عنوة، والتخلص من الضغط الشعبي والإعلامي الذي يسببه شباب
ثورة 25 يناير علي النظام. وكلفت اللجنة رجال الأعمال من رجال الحزب
بدفع 50 جنيها ووجبة لكل مشارك في التظاهرة المضادة لشباب الثورة.
وتحمل الدكتور ابراهيم كامل عضو لجنة السياسات، مصروفات تظاهرة ميدان
مصطفي محمود، بالتساوي مع محمد أبو العينين رئيس لجنة الصناعة بمجلس
الشعب، بينما تحمل طلعت السويدي عضو مجلس الشعب تكاليف نقل المتظاهرين
القادمين من الشرقية، وشرق الدلتا، وأحمد عز من القليوبية. وخصص
الدكتور أحمد سامح فريد وزير الصحة ورئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب،
سيارات مستشفياتلقصر العيني لنقل الفتوات من منطقة مصر القديمة، إلي
منطقة التليفزيون بماسبيرو. وتحمل رجل أعمال من طنطا، وآخر من عائلة
الشيمي بالمحلة الكبري تكاليف نقل البلطجية من وسط الدلتا إلي القاهرة،
بينما فشل الحزب الو طني في جلب بلطجية من الاسكندرية أو الصعيد لتعطل
السير علي الطرق خلال الليل بين العاصمة وتلك المناطق بسبب حظر التجول
ليلاً.
وأكدت مصادر برلمانية أن التكليف امتد لمديريات
الشباب والرياضة، وبتنسيق مع جهاز أمن الدولة ومفتشي المباحث، وجميع
المستويات القيادية في الحزب الوطني، الموجودين في المحافظات. وذكرت
المصادر أن الأمانة العامة للحزب الوطني هددت المتقاعسين عن تلبية مطالبهم
بشبطهم من عضوية الحزب، والتنكيل بهم. وذكرت المصادر أن المستهدف من
الحملة نقل نصف مليون متظاهر إلي ميدان التحرير علي الأقل صباح الأربعاء،
بهدف التداخل مع المتظاهرين ضد النظام، وإحداث حالة من الفوضي، بينما
كلفت قلة من البلطجية معروفة لدي أجهزة الشرطة، بضرب المنادين بإسقاط
النظام، واستخدام القوة مما دفع البعض إلي إحضار »جراكن« الكيروسين
لتركيب قنابل مولوتوف والقائها علي المتواجدين في المنطقة الواقعة في مداخل
ميدان التحرير. وبينت المصادر أن المستهدف كان دفع القوات المسلحة إلي
إطلاق النار علي المتظاهرين من الطرفين، بعد أن رفضت القوات المسلحة منذ
وجودها في الميدان مساء جمعة الغضب 28 يناير الماضي، استخدام العنف
وتفضيلها الحوار الهادئ مع المتظاهرين.
وذكرت المصادر أن موقعة
الجمل أثارت غضب القوات المسلحة وأحدثت شرخاً في العلاقة بين مؤسسة
الرئاسة التي تبنت توجهات الحزب الوطني، والمجلس العسكري الذي أعلن أنه
سيظل في حالة انعقاد دائم، برئاسة وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي،
مستبعدا رئيس الجمهورية الذي كان حتي ساعته قائدا أعلي للقوات المسلحة.
ونوهت المصادر إلي انتشار فريقين أمنيين للتحقيق في موقعة الجمل من
المخابرات الحربية والمخابرات العامة، أثبتت أن عمليات البلطجة التي وقعت
كانت منظمة ومدبرة بالكامل من قيادات الحزب الوطني، مما دعا المجلس
العسكري إلي مطالبة الرئيس مبارك بإقصاء جميع أعضاء الأمانة العامة للوطني
من منصبهم فورا، والتمهيد بإحالتهم للتحقيق الجنائي، لامتصاص غضب
الثائرين من المتظاهرين والمجتمع الدولي، الذي نقل صورة فحواها أن الجيش
وقف مكتوف الأيدي تجاه البلطجية، بما يوحي بسلبيته تجاه الأزمة. وأكدت
المصادر أن معركة الجمل كانت لحظة فارقة في حياة نظام مبارك، حيث طلب
المجلس العسكري من الرئيس مبارك الاستجابة لجميع مطالب المتظاهرين، ومن
بينها تنحيه عن السلطة، بينما رأي نائبه عمر سليمان منحه فسحة من الوقت
لإقناع الثائرين بحلول وسطي، تمكنه من المحافظة علي بقاء الرئيس مبارك في
منصبه، مع تخليه عن جميع سلطاته للنائب، والإسراع في عملية تعديل
الدستور، بما يمنع النظام من الانهيار المفاجئ. وجاءت تصريحات عمر
سليمان لمحطة إيه بي سي الأمريكية، حول عدم استعداد المصريين لممارسة
الديمقراطية علي الطريقة الغربية كالقشة التي قصمت ظهر النظام، وعجلت
بدعوة المتظاهرين إلي ضرورة تنحي الرئيس ونائبه و مطالبة المجلس العسكري من
الرئيس إعلانه عن التنحي مقابل عدم إخراجه من البلاد، ومنحه وأسرته
الأمان الكامل للعيش في شرم الشيخ، لإنقاذ البلاد من حالة فوضي عارمة،
بعد تأكيد المشير طنطاوي علي أن الجيش لن يستخدم القوة ضد المتظاهرين
نهائياً.
وطالبت المصادر بسرعة احالة مرتكبي معركة الجمل للتحقيق
الجنائي، قبل أن تنتقل رسميا إلي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بعد
تقدم عدد من المصريين في الخارج بطلب رسمي خلال الأسبوع الماضي من القاضي
أوكامبو رئيس المحكمة فحص القضية علي وجه السرعة. وأكدت المصادر أن
التحقيق المصري سيثبت إدانة مدبري البلطجة التي قادت إلي قتل وإصابة
المتظاهرين المسالمين، بما يحمي النظام المصري من وقوعه تحت طائلة قوانين
المحكمة الجنائية الدولية، في حالة تخاذله عن محاسبة الجناة المعروفين
لدي الأجهزة المعنية بالدولة.