منتديات ميجا اب
منتديات الاسكندر تاتو ترحب بكم

يشرفنا ان تكون معنا فى اسرة المنتدى

فإذا لم تكن مسجل لدينا فقوم التسجيل

وإذا كنت مسجل لدينا فقوم بالدخول

اخيكم | الإسكندر تاتو
منتديات ميجا اب
منتديات الاسكندر تاتو ترحب بكم

يشرفنا ان تكون معنا فى اسرة المنتدى

فإذا لم تكن مسجل لدينا فقوم التسجيل

وإذا كنت مسجل لدينا فقوم بالدخول

اخيكم | الإسكندر تاتو
منتديات ميجا اب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورمركز رفع الصورالتسجيلدخول

 

 لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِمَّنْ عُرِفَ بِلِقَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
همــــس اللـــــيل
عضو سوبر مرشح للاشراف
عضو سوبر مرشح  للاشراف
همــــس اللـــــيل


عدد المساهمات : 97

لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِمَّنْ عُرِفَ بِلِقَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  Empty
مُساهمةموضوع: لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِمَّنْ عُرِفَ بِلِقَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ    لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِمَّنْ عُرِفَ بِلِقَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  Emptyالأربعاء مارس 09, 2011 3:04 am

- لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِمَّنْ عُرِفَ بِلِقَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا بِالسَّمَاعِ مِنْهُ ، ثُمَّ هُوَ يَسْأَلُ سُؤَالَ عَارِفٍ بِمَا يَسْأَلُ عَنْهُ لِأَنَّهُ يُخْبِرُهُ بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ ، فَتَعَجَّبُوا مِنْ ذَلِكَ تَعَجُّبَ الْمُسْتَبْعِدِ لِذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( مَتَى السَّاعَةُ ) أَيْ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ ؟ وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ ، وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ ، وَالْمُرَادُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ .
قَوْلُهُ : ( مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا ) " مَا " نَافِيَةٌ . وَزَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ " فَنَكَسَ فَلَمْ يُجِبْهُ ، ثُمَّ أَعَادَ فَلَمْ يُجِبْهُ ثَلَاثًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ ، مَا الْمَسْئُولُ " .
قَوْلُهُ : ( بِأَعْلَمَ ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُشْعِرًا بِالتَّسَاوِي فِي الْعِلْمِ لَكِنَّ الْمُرَادَ التَّسَاوِي فِي الْعِلْمِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِهَا لِقَوْلِهِ بَعْدَ " خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ " وَسَيَأْتِي نَظِيرُ هَذَا التَّرْكِيبِ فِي أَوَاخِرِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ " مَا كُنْتُ بِأَعْلَمَ بِهِ مِنْ رَجُلٍ مِنْكُمْ " فَإِنَّ الْمُرَادَ أَيْضًا التَّسَاوِي فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ ، وَفِي " - ص 148 -" حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هُنَا فَقَالَ " سُبْحَانَ اللَّهِ ، خَمْسٌ مِنَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ " ثُمَّ تَلَا الْآيَةَ . قَالَ النَّوَوِيُّ : يُسْتَنْبَطُ مِنْهُ أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ ، وَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ نَقْصٌ مِنْ مَرْتَبَتِهِ ، بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَزِيدِ وَرَعِهِ . وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَقْصُودُ هَذَا السُّؤَالِ كَفُّ السَّامِعِينَ عَنِ السُّؤَالِ عَنْ وَقْتِ السَّاعَةِ ; لِأَنَّهُمْ قَدْ أَكْثَرُوا السُّؤَالَ عَنْهَا كَمَا وَرَدَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ ، فَلَمَّا حَصَلَ الْجَوَابُ بِمَا ذُكِرَ هُنَا حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ مَعْرِفَتِهَا ، بِخِلَافِ الْأَسْئِلَةِ الْمَاضِيَةِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا اسْتِخْرَاجُ الْأَجْوِبَةِ لِيَتَعَلَّمَهَا السَّامِعُونَ وَيَعْمَلُوا بِهَا ، وَنَبَّهَ بِهَذِهِ الْأَسْئِلَةِ عَلَى تَفْصِيلِ مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ .
قَوْلُهُ : ( مِنَ السَّائِلِ ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ لَسْتُ بِأَعْلَمَ بِهَا مِنْكَ إِلَى لَفْظٍ يُشْعِرُ بِالتَّعْمِيمِ تَعْرِيضًا لِلسَّامِعِينَ ، أَيْ أَنَّ كُلَّ مَسْئُولٍ وَكُلَّ سَائِلٍ فَهُوَ كَذَلِكَ .
( فَائِدَةٌ ) : هَذَا السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ وَقَعَ بَيْنَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَجِبْرِيلَ ، لَكِنْ كَانَ عِيسَى سَائِلًا وَجِبْرِيلُ مَسْئُولًا . قَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي نَوَادِرِهِ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : سَأَلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ جِبْرِيلَ عَنِ السَّاعَةِ ، قَالَ فَانْتَفَضَ بِأَجْنِحَتِهِ وَقَالَ : مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ .
قَوْلُهُ : ( وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا ) وَفِي التَّفْسِيرِ " وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ " ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ " وَلَكِنْ لَهَا عَلَامَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا " ، وَفِي رِوَايَةِ كَهْمَسٍ " قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا فَأَخْبَرَهُ بِهَا فَتَرَدَّدْنَا " فَحَصَلَ التَّرَدُّدُ هَلِ ابْتَدَأَهُ بِذِكْرِ الْأَمَارَاتِ أَوِ السَّائِلُ سَأَلَهُ عَنِ الْأَمَارَاتِ ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ ابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ وَسَأُخْبِرُكَ ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ : فَأَخْبِرْنِي . وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَلَفْظُهَا " وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا ، قَالَ أَجَلْ " وَنَحْوُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَادَ " فَحَدِّثْنِي " وَقَدْ حَصَلَ تَفْصِيلُ الْأَشْرَاطِ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَأَنَّهَا الْعَلَامَاتُ ، وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ شَرَطٍ بِفَتْحَتَيْنِ كَقَلَمٍ وَأَقْلَامٍ ، وَيُسْتَفَادُ مِنِ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ التَّحْدِيثَ وَالْإِخْبَارَ وَالْإِنْبَاءَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَإِنَّمَا غَايَرَ بَيْنَهَا أَهْلُ الْحَدِيثِ اصْطِلَاحًا . قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : عَلَامَاتُ السَّاعَةِ عَلَى قِسْمَيْنِ : مَا يَكُونُ مِنْ نَوْعِ الْمُعْتَادِ ، أَوْ غَيْرِهِ . وَالْمَذْكُورُ هُنَا الْأَوَّلُ . وَأَمَّا الْغَيْرُ مِثْلُ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فَتِلْكَ مُقَارِبَةٌ لَهَا أَوْ مُضَايِقَةٌ وَالْمُرَادُ هُنَا الْعَلَامَاتُ السَّابِقَةُ عَلَى ذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( إِذَا وَلَدَتْ ) التَّعْبِيرُ بِإِذَا لِلْإِشْعَارِ بِتَحَقُّقِ الْوُقُوعِ ، وَوَقَعَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ بَيَانًا لِلْأَشْرَاطِ نَظَرًا إِلَى الْمَعْنَى ، وَالتَّقْدِيرُ وِلَادَةُ الْأَمَةِ وَتَطَاوُلُ الرُّعَاةِ . فَإِنْ قِيلَ الْأَشْرَاطُ جَمْعٌ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمَذْكُورُ هُنَا اثْنَانِ ، أَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ : بِأَنَّهُ قَدْ تُسْتَقْرَضُ الْقِلَّةُ لِلْكَثْرَةِ ، وَبِالْعَكْسِ . أَوْ لِأَنَّ الْفَرْقَ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي النَّكِرَاتِ لَا فِي الْمَعَارِفِ ، أَوْ لِفَقْدِ جَمْعِ الْكَثْرَةِ لِلَفْظِ الشَّرْطِ . وَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ نَظَرٌ ، وَلَوْ أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا دَلِيلُ الْقَوْلِ الصَّائِرِ إِلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ لَمَا بَعُدَ عَنِ الصَّوَابِ . وَالْجَوَابُ الْمَرْضِيُّ أَنَّ الْمَذْكُورَ مِنَ الْأَشْرَاطِ ثَلَاثَةٌ ، وَإِنَّمَا بَعْضُ الرُّوَاةِ اقْتَصَرَ عَلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا لِأَنَّهُ هُنَا ذَكَرَ الْوِلَادَةَ وَالتَّطَاوُلَ ، وَفِي التَّفْسِيرِ ذِكْرُ الْوِلَادَةِ وَتَرَؤُّسُ الْحُفَاةِ ، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ الَّتِي أَخْرَجَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهَا وَسَاقَ ابْنُ خُزَيْمَةَ لَفْظَهَا عَنْ " - ص 149 -" أَبِي حَيَّانَ ذِكْرُ الثَّلَاثَةِ ، وَكَذَا فِي مُسْتَخْرَجِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُلَيَّةَ ، وَكَذَا ذَكَرَهَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ ، وَوَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ ، فَفِي رِوَايَةِ كَهْمَسٍ ذِكْرُ الْوِلَادَةِ وَالتَّطَاوُلُ فَقَطْ وَوَافَقَهُ عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ ، وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ذِكْرُ الثَّلَاثَةِ وَوَافَقَهُ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ ، وَكَذَا ذُكِرَتْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي عَامِرٍ .
قَوْلُهُ : ( إِذَا وَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّهَا " - مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ - " ) وَفِي التَّفْسِيرِ " رَبَّتَهَا " بِتَاءِ التَّأْنِيثِ ، وَكَذَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ ، وَلِمُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ مِثْلُهُ وَزَادَ " يَعْنِي السَّرَارِيَّ " ، وَفِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ " إِذَا رَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَلِدُ رَبَّهَا " وَنَحْوُهُ لِأَبِي فَرْوَةَ وَفِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ " الْإِمَاءُ أَرْبَابُهُنَّ " بِلَفْظِ الْجَمْعِ . وَالْمُرَادُ بِالرَّبِّ الْمَالِكُ أَوِ السَّيِّدُ . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي مَعْنَى ذَلِكَ ، قَالَ ابْنُ التِّينِ : اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ ، فَذَكَرَهَا لَكِنَّهَا مُتَدَاخِلَةٌ ، وَقَدْ لَخَّصْتُهَا بِلَا تَدَاخُلٍ فَإِذَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ اتِّسَاعُ الْإِسْلَامِ وَاسْتِيلَاءُ أَهْلِهِ عَلَى بِلَادِ الشِّرْكِ وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ ، فَإِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ وَاسْتَوْلَدَهَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ رَبِّهَا لِأَنَّهُ وَلَدُ سَيِّدِهَا . قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ : إِنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ . قُلْتُ : لَكِنْ فِي كَوْنِهِ الْمُرَادَ نَظَرٌ ; لِأَنَّ اسْتِيلَادَ الْإِمَاءِ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْمَقَالَةِ ، وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى بِلَادِ الشِّرْكِ وَسَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ وَاتِّخَاذُهُمْ سَرَارِيَّ وَقَعَ أَكْثَرُهُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ، وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي الْإِشَارَةَ إِلَى وُقُوعِ مَا لَمْ يَقَعْ مِمَّا سَيَقَعُ قُرْبَ قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَقَدْ فَسَّرَهُ وَكِيعٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ بِأَخَصَّ مِنَ الْأَوَّلِ . قَالَ : أَنْ تَلِدَ الْعَجَمُ الْعَرَبَ ، وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِمَاءَ يَلِدْنَ الْمُلُوكَ فَتَصِيرُ الْأُمُّ مِنْ جُمْلَةِ الرَّعِيَّةِ وَالْمَلِكُ سَيِّدُ رَعِيَّتِهِ ، وَهَذَا لِإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ ، وَقَرَّبَهُ أَنَّ الرُّؤَسَاءَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ كَانُوا يَسْتَنْكِفُونَ غَالِبًا مِنْ وَطْءِ الْإِمَاءِ وَيَتَنَافَسُونَ فِي الْحَرَائِرِ ، ثُمَّ انْعَكَسَ الْأَمْرُ وَلَا سِيَّمَا فِي أَثْنَاءِ دَوْلَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ ، وَلَكِنَّ رِوَايَةَ " رَبَّتَهَا " بِتَاءِ التَّأْنِيثِ قَدْ لَا تُسَاعِدُ عَلَى ذَلِكَ . وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ إِطْلَاقَ " رَبَّتَهَا " عَلَى وَلَدِهَا مَجَازٌ ; لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ سَبَبًا فِي عِتْقِهَا بِمَوْتِ أَبِيهِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ السَّبْيَ إِذَا كَثُرَ فَقَدْ يُسْبَى الْوَلَدُ أَوَّلًا وَهُوَ صَغِيرٌ ثُمَّ يُعْتَقُ وَيَكْبَرُ وَيَصِيرُ رَئِيسًا بَلْ مَلِكًا ثُمَّ تُسْبَى أُمُّهُ فِيمَا بَعْدُ فَيَشْتَرِيهَا عَارِفًا بِهَا ، أَوْ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ أَنَّهَا أُمُّهُ ، فَيَسْتَخْدِمُهَا أَوْ يَتَّخِذُهَا مَوْطُوءَةً أَوْ يُعْتِقُهَا وَيَتَزَوَّجُهَا . وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ " أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ بَعْلَهَا " وَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَحُمِلَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْبَعْلِ الْمَالِكُ وَهُوَ أَوْلَى لِتَتَّفِقَ الرِّوَايَاتُ . الثَّانِي أَنْ تَبِيعَ السَّادَةُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِمْ وَيَكْثُرُ ذَلِكَ فَيَتَدَاوَلُ الْمُلَّاكُ الْمُسْتَوْلَدَةَ حَتَّى يَشْتَرِيَهَا وَلَدُهَا وَلَا يَشْعُرُ بِذَلِكَ ، وَعَلَى هَذَا فَالَّذِي يَكُونُ مِنَ الْأَشْرَاطِ غَلَبَةُ الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَوِ الِاسْتِهَانَةُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ . فَإِنْ قِيلَ : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَلَا يَصْلُحُ الْحَمْلُ عَلَيْهَا ; لِأَنَّهُ لَا جَهْلَ وَلَا اسْتِهَانَةَ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ ، قُلْنَا : يَصْلُحُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى صُورَةِ اتِّفَاقِيَّةٍ كَبَيْعِهَا فِي حَالِ حَمْلِهَا ، فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ . الثَّالِثُ وَهُوَ مِنْ نَمَطِ الَّذِي قَبْلَهُ ، قَالَ النَّوَوِيُّ : لَا يَخْتَصُّ شِرَاءُ الْوَلَدِ أُمَّهُ بِأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ، بَلْ يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِهِنَّ بِأَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ حُرًّا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ ، أَوْ رَقِيقًا بِنِكَاحٍ أَوْ زِنًا ثُمَّ تُبَاعُ الْأَمَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ بَيْعًا صَحِيحًا وَتَدُورُ فِي الْأَيْدِي حَتَّى يَشْتَرِيَهَا ابْنُهَا أَوِ ابْنَتُهَا . وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا تَفْسِيرُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ السَّرَارِيُّ لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ . الرَّابِعُ أَنْ يَكْثُرَ الْعُقُوقُ فِي الْأَوْلَادِ فَيُعَامِلُ الْوَلَدُ أُمَّهُ مُعَامَلَةَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ مِنَ الْإِهَانَةِ بِالسَّبِّ وَالضَّرْبِ وَالِاسْتِخْدَامِ . فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ رَبُّهَا مَجَازًا لِذَلِكَ . أَوِ الْمُرَادُ بِالرَّبِّ الْمُرَبِّي فَيَكُونُ حَقِيقَةً ، وَهَذَا أَوْجَهُ الْأَوْجُهِ عِنْدِي لِعُمُومِهِ ; وَلِأَنَّ الْمَقَامَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حَالَةٌ تَكُونُ مَعَ كَوْنِهَا تَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْأَحْوَالِ مُسْتَغْرَبَةً . وَمُحَصَّلُهُ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ السَّاعَةَ يَقْرُبُ قِيَامُهَا عِنْدَ انْعِكَاسِ الْأُمُورِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمُرَبَّى مُرَبِّيًا وَالسَّافِلُ عَالِيًا ، وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ " - ص 150 -" فِي الْعَلَامَةِ الْأُخْرَى أَنْ تَصِيرَ الْحُفَاةُ مُلُوكَ الْأَرْضِ .
( تَنْبِيهَانِ ) : أَحَدُهُمَا قَالَ النَّوَوِيُّ : لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَلَا عَلَى جَوَازِهِ ، وَقَدْ غَلِطَ مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ لِكُلٍّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ ; لِأَنَّ الشَّيْءَ إِذَا جُعِلَ عَلَامَةً عَلَى شَيْءٍ آخَرَ لَا يَدُلُّ عَلَى حَظْرٍ وَلَا إِبَاحَةٍ . الثَّانِي : يُجْمَعُ بَيْنَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إِطْلَاقِ الرَّبِّ عَلَى السَّيِّدِ الْمَالِكِ فِي قَوْلِهِ " رَبَّهَا " وَبَيْنَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ " لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَطْعِمْ رَبَّكَ ، وَضِّئْ رَبَّكَ ، اسْقِ رَبَّكَ ، وَلْيَقُلْ سَيِّدِي وَمَوْلَايَ " بِأَنَّ اللَّفْظَ هُنَا خَرَجَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ أَوِ الْمُرَادُ بِالرَّبِّ هُنَا الْمُرَبِّي ، وَفِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ السَّيِّدُ ، أَوْ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ ، أَوْ مُخْتَصٌّ بِغَيْرِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
قَوْلُهُ : ( تَطَاوَلَ ) أَيْ : تَفَاخَرُوا فِي تَطْوِيلِ الْبُنَيَانِ وَتَكَاثَرُوا بِهِ .
قَوْلُهُ : ( رُعَاةَ الْإِبِلِ ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ جَمْعُ رَاعٍ كَقُضَاةٍ وَقَاضٍ . وَالْبُهْمُ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِفَتْحِهَا وَلَا يَتَّجِهُ مَعَ ذِكْرِ الْإِبِلِ وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ مَعَ ذِكْرِ الشِّيَاهِ أَوْ مَعَ عَدَمِ الْإِضَافَةِ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ رِعَاءَ الْبُهْمِ ، وَمِيمُ الْبُهْمِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ يَجُوزُ ضَمُّهَا عَلَى أَنَّهَا صِفَةُ الرُّعَاةِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ عَلَى أَنَّهَا صِفَةُ الْإِبِلِ يَعْنِي الْإِبِلَ السُّودَ ، وَقِيلَ إِنَّهَا شَرُّ الْأَلْوَانِ عِنْدَهُمْ ، وَخَيْرُهَا الْحُمْرُ الَّتِي ضُرِبَ بِهَا الْمَثَلُ فَقِيلَ " خَيْرٌ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ " وَوَصْفُ الرُّعَاةِ بِالْبُهْمِ إِمَّا لِأَنَّهُمْ مَجْهُولُو الْأَنْسَابِ ، وَمِنْهُ أُبْهِمَ الْأَمْرُ فَهُوَ مُبْهَمٌ إِذَا لَمْ تُعْرَفْ حَقِيقَتُهُ ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ : الْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُمْ سُودُ الْأَلْوَانِ لِأَنَّ الْأُدْمَةَ غَالِبُ أَلْوَانِهِمْ ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا شَيْءَ لَهُمْ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْشَرُ النَّاسُ حُفَاةً عُرَاةً بُهْمًا قَالَ : وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ قَدْ نَسَبَ لَهُمُ الْإِبِلَ ، فَكَيْفَ يُقَالُ لَا شَيْءَ لَهُمْ . قُلْتُ : يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا إِضَافَةُ اخْتِصَاصٍ لَا مِلْكٍ ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ أَنَّ الرَّاعِيَ يَرْعَى لِغَيْرِهِ بِالْأُجْرَةِ ، وَأَمَّا الْمَالِكُ فَقَلَّ أَنْ يُبَاشِرَ الرَّعْيَ بِنَفْسِهِ . قَوْلُهُ فِي التَّفْسِيرِ : وَإِذَا كَانَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ ، زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ : الصُّمُّ الْبُكْمُ . وَقِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي وَصْفِهِمْ بِالْجَهْلِ ، أَيْ : لَمْ يَسْتَعْمِلُوا أَسْمَاعَهُمْ وَلَا أَبْصَارَهُمْ فِي الشَّيْءِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ حَوَاسُّهُمْ سَلِيمَةً . قَوْلُهُ رُءُوسُ النَّاسِ أَيْ : مُلُوكُ الْأَرْضِ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ مِثْلُهُ ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ أَهْلُ الْبَادِيَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَغَيْرِهِ . قَالَ : مَا الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ ؟ قَالَ : الْعُرَيْبُ . وَهُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى التَّصْغِيرِ . وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا " مِنِ انْقِلَابِ الدِّينِ تَفَصُّحُ النَّبَطِ وَاتِّخَاذُهُمُ الْقُصُورَ فِي الْأَمْصَارِ " . قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : الْمَقْصُودُ الْإِخْبَارُ عَنْ تَبَدُّلِ الْحَالِ بِأَنْ يَسْتَوْلِيَ أَهْلُ الْبَادِيَةِ عَلَى الْأَمْرِ وَيَتَمَلَّكُوا الْبِلَادَ بِالْقَهْرِ فَتَكْثُرُ أَمْوَالُهُمْ وَتَنْصَرِفُ هِمَمُهُمْ إِلَى تَشْيِيدِ الْبُنْيَانِ وَالتَّفَاخُرِ بِهِ ، وَقَدْ شَاهَدْنَا ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ . وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ " لَا تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعُ ابْنُ لُكَعٍ " وَمِنْهُ " إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ - أَيْ : أُسْنِدَ - إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرُوا السَّاعَةَ " وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيحِ .
قَوْلُهُ : ( فِي خَمْسٍ ) أَيْ : عِلْمُ وَقْتِ السَّاعَةِ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ خَمْسٍ . وَحَذْفُ مُتَعَلَّقِ الْجَارِّ سَائِغٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي تِسْعِ آيَاتٍ أَيْ : اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي جُمْلَةِ تِسْعِ آيَاتٍ ، وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ " قَالَ فَمَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ : هِيَ فِي خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ " قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : لَا مَطْمَعَ لِأَحَدٍ فِي عِلْمِ " - ص 151 -" شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَقَدْ فَسَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ بِهَذِهِ الْخَمْسِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ . قَالَ : فَمَنِ ادَّعَى عِلْمَ شَيْءٍ مِنْهَا غَيْرَ مُسْنَدَةٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ . قَالَ : وَأَمَّا ظَنُّ الْغَيْبِ فَقَدْ يَجُوزُ مِنَ الْمُنَجِّمِ وَغَيْرِهِ إِذَا كَانَ عَنْ أَمْرٍ عَادِيٍّ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعِلْمٍ . وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ وَالْجُعْلِ وَإِعْطَائِهَا فِي ذَلِكَ ، وَجَاءَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : أُوتِيَ نَبِيُّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَى هَذِهِ الْخَمْسِ . وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ أَخْرَجَهُمَا أَحْمَدُ ، وَأَخْرَجَ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ ذَكَرَ الْعِلْمَ بِوَقْتِ الْكُسُوفِ قَبْلَ ظُهُورِهِ فَأُنْكِرَ عَلَيْهِ فَقَالَ : إِنَّمَا الْغَيْبُ خَمْسٌ - وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ - وَمَا عَدَا ذَلِكَ غَيْبٌ يَعْلَمُهُ قَوْمٌ وَيَجْهَلُهُ قَوْمٌ .
( تَنْبِيهٌ ) : تَضَمَّنَ الْجَوَابُ زِيَادَةً عَلَى السُّؤَالِ لِلِاهْتِمَامِ بِذَلِكَ إِرْشَادًا لِلْأُمَّةِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ . فَإِنْ قِيلَ : لَيْسَ فِي الْآيَةِ أَدَاةُ حَصْرٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ ، أَجَابَ الطِّيبِيُّ بِأَنَّ الْفِعْلَ إِذَا كَانَ عَظِيمَ الْخَطَرِ وَمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ الْفِعْلُ رَفِيعُ الشَّأْنِ فُهِمَ مِنْهُ الْحَصْرُ عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا لُوحِظَ مَا ذُكِرَ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ مِنْ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يَدَّعُونَ عِلْمَ نُزُولِ الْغَيْثِ . فَيُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْآيَةِ نَفْيُ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ وَاخْتِصَاصُهُ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .
( فَائِدَةٌ ) : النُّكْتَةُ فِي الْعُدُولِ عَنِ الْإِثْبَاتِ إِلَى النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَكَذَا التَّعْبِيرُ بِالدِّرَايَةِ دُونَ الْعِلْمِ لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّعْمِيمِ ، إِذِ الدِّرَايَةُ اكْتِسَابُ عِلْمِ الشَّيْءِ بِحِيلَةٍ ، فَإِذَا انْتَفَى ذَلِكَ عَنْ كُلِّ نَفْسٍ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ مُخْتَصَّاتِهَا وَلَمْ تَقَعْ مِنْهُ عَلَى عِلْمٍ كَانَ عَدَمُ اطِّلَاعِهَا عَلَى عِلْمِ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بَابِ أَوْلَى . ا هـ مُلَخَّصًا مِنْ كَلَامِ الطِّيبِيِّ .
قَوْلُهُ : ( الْآيَةَ ) أَيْ : تَلَا الْآيَةَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عُمَارَةَ . وَلِمُسْلِمٍ إِلَى قَوْلِهِ : ( خَبِيرٌ ) وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ . وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ قَوْلِهِ إِلَى الْأَرْحَامِ فَهُوَ تَقْصِيرٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ، وَالسِّيَاقُ يُرْشِدُ إِلَى أَنَّهُ تَلَا الْآيَةَ كُلَّهَا .
قَوْلُهُ : ( ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ : رُدُّوهُ ) زَادَ فِي التَّفْسِيرِ " فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا " . فِيهِ أَنَّ الْمَلَكَ يَجُوزُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَرَاهُ وَيَتَكَلَّمُ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ يَسْمَعُ ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ كَلَامَ الْمَلَائِكَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ ( جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ ) فِي التَّفْسِيرِ " لِيُعَلِّمَ " وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ " أَرَادَ أَنْ تَعْلَمُوا إِذَا لَمْ تَسْأَلُوا " وَمِثْلُهُ لِعُمَارَةَ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ " وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ مَا كُنْتُ بِأَعْلَمَ بِهِ مِنْ رَجُلٍ مِنْكُمْ ، وَإِنَّهُ لَجِبْرِيلُ " وَفِي حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ " ثُمَّ وَلَّى فَلَمَّا لَمْ نَرَ طَرِيقَهُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : سُبْحَانَ اللَّهُ ، هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ . وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا جَاءَنِي قَطُّ إِلَّا وَأَنَا أَعْرِفُهُ ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَرَّةُ " ، وَفِي رِوَايَةِ التَّيْمِيِّ " ثُمَّ نَهَضَ فَوَلَّى ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : عَلَيَّ بِالرَّجُلِ ، فَطَلَبْنَاهُ كُلَّ مَطْلَبٍ فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ . فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَنْ هَذَا ؟ هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ لِيُعَلِّمَكُمْ دِينَكُمْ ، خُذُوا عَنْهُ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا شُبِّهَ عَلَيَّ مُنْذُ أَتَانِي قَبْلَ مَرَّتِي هَذِهِ ، وَمَا عَرَفْتُهُ حَتَّى وَلَّى " . قَالَ ابْنُ حِبَّانَ تَفَرَّدَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ بِقَوْلِهِ " خُذُوا عَنْهُ " . قُلْتُ : وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ ، وَفِي قَوْلِهِ " جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ " إِشَارَةٌ إِلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ ، فَمَا تَفَرَّدَ إِلَّا " - ص 152 -" بِالتَّصْرِيحِ ، وَإِسْنَادُ التَّعْلِيمِ إِلَى جِبْرِيلَ مَجَازِيٌّ ; لِأَنَّهُ كَانَ السَّبَبَ فِي الْجَوَابِ ، فَلِذَلِكَ أَمَرَ بِالْأَخْذِ عَنْهُ . وَاتَّفَقَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ الصَّحَابَةَ بِشَأْنِهِ بَعْدَ أَنِ الْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ . وَأَمَّا مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ كَهْمَسٍ " ثُمَّ انْطَلَقَ ، قَالَ عُمَرُ : فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ : يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ " ; فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِأَنَّ قَوْلَهُ " فَلَبِثْتُ مَلِيًّا " أَيْ : زَمَانًا بَعْدَ انْصِرَافِهِ ، فَكَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتٍ وَلَكِنَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ . لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ " فَلَبِثْتُ ثَلَاثًا " لَكِنِ ادَّعَى بَعْضُهُمْ فِيهَا التَّصْحِيفَ ، وَأَنَّ " مَلِيًّا " صُغِّرَتْ مِيمُهَا فَأَشْبَهَتْ " ثَلَاثًا " لِأَنَّهَا تُكْتَبُ بِلَا أَلِفٍ ، وَهَذِهِ الدَّعْوَى مَرْدُودَةٌ ، فَإِنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ " فَلَبِثْنَا لَيَالِيَ ، فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ثَلَاثٍ " وَلِابْنِ حِبَّانَ " بَعْدَ ثَالِثَةٍ " ، وَلِابْنِ مَنْدَهْ " بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ " . وَجَمَعَ النَّوَوِيُّ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَحْضُرْ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَجْلِسِ ، بَلْ كَانَ مِمَّنْ قَامَ إِمَّا مَعَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا فِي طَلَبِ الرَّجُلِ أَوْ لِشُغْلٍ آخَرَ وَلَمْ يَرْجِعْ مَعَ مَنْ رَجَعَ لِعَارِضٍ عَرَضَ لَهُ ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَاضِرِينَ فِي الْحَالِ ، وَلَمْ يَتَّفِقِ الْإِخْبَارُ لِعُمَرَ إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ " فَلَقِيَنِي " وَقَوْلُهُ " فَقَالَ لِي يَا عُمَرُ " فَوَجَّهَ الْخِطَابَ لَهُ وَحْدَهُ ، بِخِلَافِ إِخْبَارِهِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : الْأَوَّلُ : دَلَّتِ الرِّوَايَاتُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَرَفَ أَنَّهُ جِبْرِيلُ إِلَّا فِي آخِرِ الْحَالِ ، وَأَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ حَسَنِ الْهَيْئَةِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ لَدَيْهِمْ ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي فَرْوَةَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ " وَإِنَّهُ لَجِبْرِيلُ نَزَلَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ " فَإِنَّ قَوْلَهُ نَزَلَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ وَهْمٌ ; لِأَنَّ دِحْيَةَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ " مَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ " ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ لَهُ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ النَّسَائِيُّ فَقَالَ فِي آخِرِهِ " فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَكُمْ دِينَكُمْ " حَسْبُ . وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَحْفُوظَةُ لِمُوَافَقَتِهَا بَاقِيَ الرِّوَايَاتِ .
الثَّانِي : قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ : فِي قَوْلِهِ " يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ " دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ الْحَسَنَ يُسَمَّى عِلْمًا وَتَعْلِيمًا ; لِأَنَّ جِبْرِيلَ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ سِوَى السُّؤَالِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ سَمَّاهُ مُعَلِّمًا ، وَقَدِ اشْتَهَرَ قَوْلُهُمْ : حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ فِيهِ انْبَنَتْ عَلَى السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ مَعًا .
الثَّالِثُ : قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : هَذَا الْحَدِيثُ يَصْلُحُ أَنْ يُقَالَ لَهُ أُمُّ السُّنَّةِ ، لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ جُمَلِ عِلْمِ السُّنَّةِ . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : لِهَذِهِ النُّكْتَةِ اسْتَفْتَحَ بِهِ الْبَغَوِيُّ كِتَابَيْهِ " الْمَصَابِيحَ " وَ " شَرْحَ السُّنَّةِ " اقْتِدَاءً بِالْقُرْآنِ فِي افْتِتَاحِهِ بِالْفَاتِحَةِ ; لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ عُلُومَ الْقُرْآنِ إِجْمَالًا . وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : اشْتَمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى جَمِيعِ وَظَائِفِ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ مِنْ عُقُودِ الْإِيمَانِ ابْتِدَاءً وَحَالًا وَمَآلًا ، وَمِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ ، وَمِنْ إِخْلَاصِ السَّرَائِرِ وَالتَّحَفُّظِ مِنْ آفَاتِ الْأَعْمَالِ ، حَتَّى إِنَّ عُلُومَ الشَّرِيعَةِ كُلَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَيْهِ وَمُتَشَعِّبَةٌ مِنْهُ . قُلْتُ : وَلِهَذَا أَشْبَعْتُ الْقَوْلَ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ ، مَعَ أَنَّ الَّذِيَ ذَكَرْتُهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَتَضَمَّنُهُ قَلِيلٌ ، فَلَمْ أُخَالِفْ طَرِيقَ الِاخْتِصَارِ . وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
قَوْلُهُ : ( قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ) يَعْنِي الْمُؤَلِّفَ " جَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَ الْإِيمَانِ " أَيِ : الْإِيمَانِ الْكَامِلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ كُلِّهَا .
" - ص 153 -" قَوْلُهُ ( بَابٌ كَذَا بِلَا تَرْجَمَةٍ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَأَبِي الْوَقْتِ ، وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍ وَالْأَصِيلِيِّ وَغَيْرِهِمَا ، وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ الْأَوَّلَ قَالَ : لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ - يَعْنِي سُؤَالَ جِبْرِيلَ عَنْ الْإِيمَانِ - لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا هَذَا الْحَدِيثُ ، فَلَا يَصِحْ إِدْخَالُهُ فِيهِ . قُلْتُ : نَفِيُ التَّعَلُّقِ هُنَا يَتِمُّ عَلَى الْحَالَتَيْنِ ، لِأَنَّهُ إِنْ ثَبَتَ لَفْظُ ( بَابٌ بِلَا تَرْجَمَةٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ مِنْ الْبَابِ الَّذِي قَبِلَهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُتَعَلِّقٍ بِهِ . وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَتَعَلُّقُهُ بِهِ مُتَعَيِّنٌ ، لَكِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ ( جَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا . وَوَجْهُ التَّعَلُّقِ أَنَّهُ سَمَّى الدِّينَ إِيمَانًا فِي حَدِيثِ هِرَقْلَ فَيَتِمُّ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِكَوْنِ الدِّينِ هُوَ الْإِيمَانَ ، فَإِنْ قِيلَ : لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ ، لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ هِرَقْلَ ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَا قَالَهُ مِنْ قِبَلِ اجْتِهَادِهِ ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ اسْتِقْرَائِهِ مِنْ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِيمَا مَضَى ، وَأَيْضًا فَهِرَقْلُ قَالَهُ بِلِسَانِهِ الرُّومِيِّ ، وَأَبُو سُفْيَانَ عَبَّرَ عَنْهُ بِلِسَانِهِ الْعَرَبِيِّ ، وَأَلْقَاهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ - فَرَوَاهُ عَنْهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ لَفْظًا وَمَعْنًى . وَقَدِ اقْتَصَرَ الْمُؤَلَّفُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ الطَّوِيلِ الَّذِي تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ عَلَى هَذِهِ الْقِطْعَةِ لِتَعَلُّقِهَا بِغَرَضِهِ هُنَا ، وَسَاقَهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ تَامًّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ الَّذِي أَوْرَدَهُ هُنَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . [center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السعيد شعتُ
عضو سوبر مرشح للاشراف
عضو سوبر مرشح  للاشراف
السعيد شعتُ


عدد المساهمات : 82

لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِمَّنْ عُرِفَ بِلِقَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  Empty
مُساهمةموضوع: رد: لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِمَّنْ عُرِفَ بِلِقَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ    لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِمَّنْ عُرِفَ بِلِقَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  Emptyالسبت مارس 26, 2011 3:28 am

موضوع رائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا السَّائِلُ مِمَّنْ عُرِفَ بِلِقَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بَاب بَيَانِ مَثَلِ مَا بُعِثَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ
» لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ
» بَاب مَا يَلْحَقُ الْإِنْسَانَ مِنْ الثَّوَابِ بَعْدَ وَفَاتِهِ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ميجا اب :: ميجا اب الاسلامى :: منتدى الاحاديث النبويه-
انتقل الى: